جاءني مكفهر الوجه , ضائق الصدر ,ينفخ وكان نارا في صدره يريدها ان تخرج ...
قلت له : خير إن شاء الله ؟
قال : ليتي لم أتزوج ...كنت هانئ البال مرتاح الخاطر ...
قلت : وما يتعبك في الزواج ؟
قال : وهل غيرها !
قلت : تعني زوجتك ؟
قال : اجل
قلت : وما تشتكي فيها ؟
قال : قل ماذا لا اشتكي فيها !
قلت : تعني أن ما لا يرضيك فيها أكثر مما يرضيك؟
هز برأسه هزات متتالية ... مؤيدا ...موافقا .
قلت له : لعلك تشتكي عدم انقيادها لك ؟
نظر في عيني وقال : فعلا ...
قلت : وكثرة دموعها حين تناقشها وتحتد في جدالها ؟
ظهرت الدهشة علية وهو يقول ......نعم .........نعم
تابعت : وكثرة عنادها ....؟
زادت دهشته : كأنك تعيش معنا !
قلت : وتراجع اهتمامها بك بعد مضي اشهر الزواج الأولى ؟
قال : كأنما حدثك عنها غيري !
واصلت كلامي : وزاد تراجع اهتمامها بك بعد أن رزقتما بالأطفال ؟
قال : أنت تعرف كل شيء إذن !؟
قلت : هون عليك يا أخي ..واسمع مني
هدأت مشاعر الغضب والحنق التي بدت علية ,وحلت علية مكانها رغبة حقيقية واضحة في الاستماع , وقال : تفضل .
قلت : حين تشتري أي جهاز كهربائي ....كيف تستعمله ؟
قال : حسب التعليمات التي يشرحها صانعو هذا الجهاز .
قلت : حسنا . وأين تجد هذه التعليمات ؟
قال : في كتيب التعليمات المرفق بالجهاز .
قلت : هذا جميل . لو افترضنا أن شخصا اشترى جهازا كهربائيا
وورد في كتيب التعليمات المرفق انه يعمل على الطاقة الكهربائية
المحددة بمائة وعشرين فولتا فقط .......ومع هذا قام مشتري الجهاز
بوصلة بالطاقة الكهربائية ذات ألمائتي وأربعين فولتا ..........
قاطعني : يحترق الجهاز على الفور ....!
قلت : لنفترض أن شخصا يريد أن يشترك في سباق سيارات بسيارة تشير عداد فيها إلى أن أقصى سرعة لها هو 180 كيلو مترا
والسيارات المشاركة الأخرى عدادها تشير إلى أن السرعة القصوى فيها ثلاثمائة كيلو مترا ...
قال بسرعة : لن يفوز في السباق .
قلت : لنفترض إننا سألناه فأجابنا انه سيضغط دواسة الوقود إلى أخرها ...
قال : لن ينفعه هذا ... وليضغط بما يشاء من قوة ..فان السيارة لن تزيد سرعتها عن 180 كيلوا مترا
قلت : لماذا ؟
قال : هكذا صنعها صانعوها
قلت : ....وهكذا خلق الله المرأة !
قال : ماذا تعني ؟
قلت : إن الطبيعة النفسانية التي اشتكيتها في المرأة ..هي التي خلقها الله سبحانه وتعالى عليها . ولو قرأت طبيعة المرأة في كتيب التعليمات المرفق مخها ...لما طلبت منها ما تطلبه من رجل !
قال : أي كتيب معلومات تقصد ؟
قلت : الم تقرا حديث رسول الله صلى الله علية وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإذا ذهبت تقيمُه كسرت ، وإذا تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا "
قال : بلى قرأته
قلت : اسمح لي إذن أن أقول ..أن ما تطلبه من زوجتك ...يشبه ما يطلبه صاحب السيارة التي حددت سرعتها ب 180 كيلومترا في الساعة
قال : تعني ان زوجتي لن تستجيب لي ...كما لن تستجيب السيارة لصاحبها الذي يضغط دواسة البنزين فيها لتتجاوز سرعة 180 المحددة لها ؟
قلت : تقريبا .
قال : ماذا تعني ب " تقريبا " ؟
قلت : تأمل حديثة صلى الله علية وسلم إذ يخبرنا بان المرأة خلقت من ضلع اعوج وان هذا العوج من طبيعة المرأة فإذا أراد الرجل أن يقيمه اخفق ...وانكسر الضلع ...
قال : كما يحترق الجهاز الكهربائي المحددة طاقة تشغيله 120 فولتا ..إذا وصلناه بطاقة كهربائية ذات 220 فولتا ..
قلت : أصبت .
قال : ولكن ألا ترى أن هذا يعني نقصا في قدرات المرأة ؟
قلت : نقص في جانب ...ووفرة في جانب . يقابلهما في الرجل ..نقص ووفرة أيضا ...ولكن بصورة متقابلة فنقص المرأة تقابله وفرة في الرجل ووفرتها يقابلها نقص في الرجل .
قال : اشرح لي ...نقص في ماذا ...ووفرة في ماذا ؟
قلت : عد معي إلى العوج الذي أشار إليه الرسول صلى الله علية وسلم في الحديث ...وحاول أن تتصور أماً ترضع طفلها وهي منتصبة القامة !
أو تلبسه ثيابه وهي منتصبة القامة . أو تضمه إلى صدرها وهي منتصبة القامة ....
قال : يصعب ذلك ..فلا يمكن تصور أم ترضع طفلها إلا وهي منحنية عليه ..وتلبسه ثيابه إلا وهي منحنية عليه ..ولا تضمه إلى صدرها إلا وهي منحنية عليه ...
قلت : تصور أي وضع من أوضاع الرعاية الأم لطفلها فلن تجدها إلا منحنية .
قال : وهذا يفسر سر خلقها من ضلع اعوج ...
قلت : هذه واحدة .
قال : والثانية ..
قلت : جميع الألفاظ التي تحمل العوج في اللغة العربية ..تحمل معنى العاطفة في الوقت نفسه .
قال : وأين العوج في كلمة العاطفة ؟
قلت : مصدر العاطفة " عَطَف " ومن هذا المصدر نفسه اشتقت كلمة المنعطف . وهو المنحني كما تعلم وفي لسان العرب : عطفت راس الخشبة فنعطف أي حنيته فانحنى والعطائف هي القسي وجمع قوس ألا ترى معي القوس يشبه في انحناءة الضلع .
قال : سبحان الله . وهل ثمة كلمة أخرى يشترك فيها معنى العوج ومعنى العاطفة ؟
قلت : دونك الحنان . ألا يحمل معنى العاطفة ؟
قال : بلى . الحنان هو العطف والرقة والرأفة .
قلت : وهو يحمل العوج أيضا . تقول العرب : انحنى العود وتحنى : انعطف . وفي الحديث : لم يحن احد منا ظهره ,,أي لم يثنه للركوع . والحنية : القوس . وها قد عدنا للقوس التي تشبه في شكلها الضلع .
قال : زدني ...زادك الله من فضلة ..هل هناك كلمة ثالثة .
قلت : هل تعرف من الأحدب ؟
قال : من تقوس ظهره !
قلت : وها قد قلت بنفسك تقوس واشتققت من القوس فعلا وصفته انحناء ظهر الأحدب .
وقال : ولكن أين معنى العاطفة في الأحدب ؟
قلت : في اللغة : حدب فلان على فلان وتحدب : تعطف وحنا عليه . وهو عليه كالوالد الحدب وفي حديث علي يصف أبا بكر رضي الله عنهما : " وأحدبهم على المسلمين " أي أعطفهم واشفقهم .
قال : لا تقل لي أن هناك كلمة رابعة ...
قلت : أليس الاعوجاج في الضلع يعني انه مائل
قال : بلى .
قلت : العرب تقول : الاستمالة : الاكتيال بالكفين والذراعين .
قال : هذا يشير إلى العوج والانحناء ..ولكن أين العاطفة ؟
قلت : ألا ترى أن اصل الكلمة هو" الميل " والميل اتجاه بالعاطفة نحو الإنسان أو شيء .. تقول : أميل إلى فلان أو إلى كذا ؟ وفي لسان العرب " الميل " العدول إلى الشيء والإقبال علية .
قال : حسبك . فما فهمت العوج في الضلع الذي خلقت علية المرأة ..كما فهمته الآن ...فجزاك الله خيرا .
قلت : ويجزيك على حسن استماعك ومحاورتك ...وسرعة استجابتك للحق .