[IMG]http://i3.makcdn.com/wp-*******/blogs.dir//128607/files//2010/07/101081548.jpg[/IMG]
في الحي الراقي من شمال العاصمة
قصرٌ فاخر .. تكسو جدرانه ألواح الرخام
وتعانق أسواره أشجار الليلك
يسكنه رجلٌ جاوز الخمسين .. متوسط القامة والبدانة
لا يخطئ الناظر .. علامات الثراء في هيئته وطريقة حديثه
ترى في عينيه سكرة الغنى
وتحيطه قصص الترف
ولا يخلو مجلسه من أصحاب المال والأعمال
لكنه .. يحمل صفةً غريبة وعادة محيرة
عادة . . يلحظها من جالسه أو تتبع نظراته
فالرجل عند سلامه ولقائه بالناس
يتجه نظره إلى حذاء من يقابله
وفي اثناء جلوسه يجول ببصره على أحذية الجالسين
كان الزائر العابر لا تلفت انتباهه هذه العادة
لكن المداومين على الزيارة والمجالسة
لا بد أنهم يعرفون ذلك .. دون أن يعلموا السبب
واستمر الحال زمناً طويلا
حتى قدِم رجلٌ مسن . . عليه أثر الغربة
سأل عن صاحب الدار ..
ثم جلس مع المنتظرين
وأثناء انتظار ه . . جاذبه أحدهم أطراف الحديث
فأخبره عن بلدته البعيدة التي ينتمي إليها الثري
وهنا . . سأله الرجل عن معرفته به
فانطلقت كلمات الشيخ المسن تعلن بسعادة .. معرفته بالثري منذ الصغر
وتسلسل الحديث حتى وصل طفولة صاحب الدار
وكيف عمل في صباه حرفةً تعلمها على يد الشيخ
وهي حرفة الإسكافي
فكان اسكافياً .. يصلح الأحذية ويلمعها للناس
مقابل دراهم معدودة
تبسم الرجل ابتسامة لم يستطع مقاومتها
فقد عرف سر النظرة الغريبة
التي سبق الآخرين في الوصول إليها
لم تكن مهنة الإسكافي . . سبب ابتسامة الرجل
فهي مهنة والمهنة شرف
لكن . . في صعوبة تخلص الإنسان من الماضي
رغم تبدل الحال والأحوال
وكيف تظل بقايا الأمس تطل برأسها بين المال والجاه
فالإنسان لا يستطيع أن يتخلص من الماضي بسهولة
مهما حاول أن يخفيه لأنه متأصل .. في زوايا العقل وطيات النفس
وفلتات اللسان ونظرات الأعين
وفي الآراء والأحكام والأساليب
ومهما جاهد وتناسى . . فسوف يبقى
كما بقيت . . مهنة الإسكافي .. في نظرات ثري شمال العاصمة